آخر جرح
عن آخر جرح
حين تقرأ كتاب زياد عقيقي "آخر جرح"، لا بد أن يتراءى لك زياد الإنسان بشخصه وصدقه وشفّافيته، وحين تتعرّف إلى شخصه ستدرك مدى شاعريته. وفي الحالتين سوف ترى بوضوح شخصيته المميزة وفلسفته في الحياة بكل جوانبها. "آخر جرح" عنوان معبّر وهو بالتأكيد آخر جرح وليس الجرح الأخير. هو عنوان يلخّص زياد الذي يردد دائماً: "الجرح هو الذي يكتبنا". جرح زياد هو الدهشة بكل أشكالها، فرح، حزن، ألم، حب، جمال. وهكذا كانت قصائده تكتب الجرح بقلم عميق يحفر في الورق والبال... من الناحية الشكلية هناك خروج عن المألوف من حيث التركيب اللغوي، تقسيم الشطور والتوزيع الموسيقى على إيقاع واسع المدى بعيد عن الملل، يرافق النص ويزيده نضارة. أمّا الوقفة الزمنية فتحمل كلمات بين السطور اكثر بكثير من المطبوع على الورق. تكرار القافية في بعض الأحيان بصورة مقصودة بمضامين مختلفة تنمّ عن الصدق وعن قدرة هائلة على تطويع النص. زياد عقيقي، الشاعر والانسان الإيجابي الى أبعد الحدود، الذي يرى، دائماً، النصف الملآن من الكوب يفيض كأسه من اول قصيدة "واللي ما عندو نبيد بالمرة يقرب ع قلبي تا يصبّ نبيد". الجمال لديه ليس فقط موهبة ربّانية خالصة، لكننا نرى جيداً آثار أصابعه وفكره في طين القصيدة. الشعر معه حالة حيّة "معيوشة". هي حلم ينزل نحو الأرض ليرتفع بنا نحو السماء. الدهشة لديه دائمة تجري بانسيابية. هي دهشة "عا مدّ عينك والنظر" وليست ظرفية. القافية، التركيب اللغوي، الإيقاع، "المناخية الشعرية"، الترابط بين أجزاء القصيدة، التلميح، الإيحاء، كلّها عناصر جماليّة تشكل دهشةً شعريّة لديه. قصائده ليست مسطحة، بل لها عدة مستويات وعدة أبعاد تجعل القارىء يغوص بالمستوى أو البعد الذي يريده، وهذا ما يؤمن تواصل النص مع كل الفئات الشعبية ومع كل الفئات العُمريّة. حداثة الحاضر لدى هذا الشاعر الذي لا يشبه أحداً آخر، سوف تكون أصالة المستقبل.
صانع المحتوى: زياد عقيقي
الفئة: شعر