
هل أغفر
عن هل أغفر
كانت أم مدحت قد جاوزت الخمسين من العمر... وها هي خريطة الآلام... وقد أبدع الزمن في تشكيلها في صورة خطوط حفرت على وجهها... فبدت امرأة يثقل كاهلها الفقر والحرمان ... إلا أنه أبقي لها هذه الابتسامة التي لا تكاد تفارق وجهها... وبريق الأمل ذاك الذي يشع من عينيها... ولو أنها لم تعد تدري... لم الأمل لا زال يصاحبها عنيدا... كعنادها! ولا تفتأ تصارع... صراعا مريرا... لكي تبعد شبح اليأس عن قلبها... وتزيل سحب الانهزام والانكسار من نفسها... وكانت قد رضيت عن طيب خاطر... بحياتها... وألفتها... بل وأحبتها شاكرة... حامدة... وكانت أقسي أيام حياتها وآلمها... تلك التي أعقبت زواج جلال من المرأة الأخرى... وانقباض يده عنها.. مرغما.. فنزلت الضائقة ببيتها.. وانقطع جزء ليس بالقليل من النفقة التي كان يعطيها لها زوجها في أول كل شهر... وتهددت الفاقة أسرتها البائسة... وأجبرت على الاستغناء عن كثير من أصناف المأكولات المكلفة... واختزال النقود التي كانت تعتمدها لشراء الثياب... والأدوات المنزلية... وحتى الفاكهة... وما ضاق صدرها... وما غضبت... فهي قانعة برزقها.. ورزق أسرتها... ولم تنزو بعيدا عن الدنيا... والناس... كما لم يكن للفقراء أثر سلبي في نفسها...
صانع المحتوى: فرج خطاب
الفئة: رواية