دم الفضة
عن دم الفضة
مما قيل في أثر الأولين وقصص الغابرين أن للأرض عينًا بيضاء كغرر الجياد، تبرز منها ميثاء بطولها الفارع.. تطل على العالم، تظله بأغصانها المتشابكة، تزهر كل خريف فتلعن برحيقها كل من يشتمه. مدن بأكملها اعتلتها الأشجار، وجوه الملعونين الصارخة بصمت لا تزال شاخصة على لحائها الأسود، أوراقهم زرقاء لامعة كأحجار الزفير وقد أكسبتهم ذات الاسم، تضرَّع البشر أيامًا لا يملكون من أمرهم شيئًا، إلى أن أتى كما رآه الناس مجندلًا بالجراح، برزت على محياه ابتسامة نصر زائفة، قيل إنه الموعود... أنه من بنى الأرض كما كانت، أنبأهم أن اللعنة ثمن زهيد لنجاة الأرض، إلا أنه سُرعان ما اختفى. وتمضي تلك الأيام ويفقد كل منا عزيزًا كل خريف، يخشى أن يفتش عنه في الغابات، يخشى الأعين الصامتة المحدقة من قلب الجحيم الأزرق، يخشى أن يجده قد تشجَّر كحال البقية، لذا قد اعتاد الواحد منا على نعي عزيزه في صمت.
صانع المحتوى: عبدالرحمن أمجد
الفئة: رواية